أخبارنا

فئة من البشر يعاني منها البشر ‮!!

12 ابريل 2011
بقلم - أحمد النشوقى ...

المنافقون كثيرون، مُتعددون، مُتلونون تمامًا كالحرباء التي تتشكل على حسب ما يحيط بها من تضاريس البيئة.. فاكتشافهم صعب للوهلة الأولى وسهل بعد عدة تعاملات معهم، ورغم إجادتهم فن المراوغة والملاينة والمسكنة، فإنهم -لحسن الحظ- يقعون فى أخطاء من صنعهم هم أنفسهم.. لماذا يقعون فيها وهم يُجيدون فنون الخداع الهادئ؟!! فالجواب هو: لكل جواد كبوة.. فلا أحد من البشر يستطيع مثل هذه الخداع الاجتماعي على طول الخط، فإذا كانت هناك مجموعة كبيرة من البشر غفلت أو تغافلت عنهم، فهناك بالمقابل مجموعة أخرى أقل تترصد مثل هؤلاء وتبْرع فى صيد واكتشاف أخطائهم التى تشير إليهم!!.. فهم فئة من البشر يعاني منها البشر.. والنفاق الذى أقصده هنا ليس النفاق الشرعي، الذى هو أشد بمراحل من النفاق الاجتماعي، فالأول يُخرج من المِلة -والعياذ بالله- أما الثاني فلا يُخرج من المِلة ولكن له أضرارًا ومساوئ اجتماعية على المدى القصير والمتوسط والطويل، فهو بكل أسف كثير ومنتشر فى أى بيئة اجتماعية.. يأخذ عدة أشكال وأنماط على حسب نوع تلك البيئة..

يشكو الكثير من الناس -ذوي الضمير الحي خصوصًا- من مثل هؤلاء النوع من المنافقين الذين يسيرون معهم فى البداية فى أول الخط باستقامة ظاهرية خادعة وفجأة بعد ذلك وفي إحدى اللحظات يحدث أمر من الأمور المتوقعة وغير المتوقعة فى المعاملات مثلاً، وتتكشف الأمور على حقيقتها فيظهر هذا المنافق واضحًا جليًا على صورته الحقيقية التي –للأسف- لم تكن مُتوقعة منه أبدًا..

تُرى كيف السبيل لتجاوز عقبة المنافقين هؤلاء؟!.. وكيف الخلاص من حيلهم وخداعهم؟!..

الحل والجواب -من وجهة نظري- يكون من جهة الشخص الذى يواجه فى معاملاته هؤلاء المنافقين المُتلونين، بأن يكون حذرًا فى التعامل معهم، مُتيقظًا لتصرفاتهم، ذكيًا فى الأخذ والرد فى الفعل والقول معهم، وعارفًا لمواقع التسرب الخداعي منهم، وكتومًا فى أسراره الشخصية لا يُذيعها لهم، ومجيدًا فى التحكم النفسي الشعوري تجاههم.. طبعًا ما ذُكر من الحلول هو شيء من شيء ولكن ما ذُكر عنهم هو أهم شيء..

وكثيرًا ما يرتبك المنافق لدى اكتشاف أمره ويتلعثم فى الكلام والجواب إذا سُئل أو نُوقش في أمر ما يكون هو المسئول عنه.. وهناك أشخاص لديهم فراسة قوية تكتشف هذا المنافق عن بُعد قبل أي تعامل مهم معه، ولا عجب إن كان من الناس من يكون صاحب قوة إحساس فى الناحية الاجتماعية خاصة.. ومنهم من يُجيد نسج الفخاخ الذكية الكلامية أو الفعلية ليسقط فيها المنافق دون شعور أو يكون فى حرج شديد لا يدري كيف يتصرف تجاه انكشاف أمره!! طبعًا مثل هؤلاء الأشخاص قليلين.. ولكن هم مهمون فى المجتمع كالمسبار الذى يكتشف الأغوار، خصوصًا الذين عركتهم التجارب وشحنتهم الخبرات المتنوعة والتعاملات مع بني البشر.. ويُلاحظ فى وجه المنافق -إذا أكتشف- عدم التماسك فى حركات وجهه والخضوع فى نبرات صوته وكل من رآه على هذه الحال أخذه الريب تجاهه.. وبالمناسبة مثل هذا النفاق موجود أكثر فى الأشخاص من الجنس الواحد، أى النساء مع النساء، والرجال مع الرجال.. أما فى حالة اختلاف الجنسين "رجل وامرأة"، فالنفاق هنا له شكل آخر يُمزج ببعض المصالح والرغبات من الطرفين أو أحدهما، وقد يكون على شكل حب زائف مُغلّف بخداع محكم كالخيانات الزوجية مثلاً.. وطبعًا مُداراة الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها لا يكون نفاقًا إذا كان القصد من أحدهما تجاوز سوء فهم بينهما، وكذلك بين المُحبين إذا كانا يريدان تأسيس حلقة تفاهم بينهما فى طريق الزواج.. ونفس الحال ينطبق فى مُداراة الناس بين بعضهم فى المعاملات العامة التى تكون فيها المجاملات مثلاً تحسبًا من وقوع سوء الظن أو المشاكل من الغير هي كذلك لا تسمى نفاقاً بل نوع من السياسة فى التعامل.. وهؤلاء المنافقون أنواع ودرجات.. فمنهم الشخص الكذاب (إن كان معروفًا به أو غير معروف به)، والشخص النمَّام (الذى ينقل الكلام بين الناس لقصد الإفساد بينهم)، والشخص المتطفل (الذى يلاصقك فى كل شيء لغرض مادي مثلاً)، والشخص المُداهن (الذى يخضع لك لغرض ما فى نفسه)، والشخص الحاسد (الذى ظهر حسده أو لم يظهر)، والشخص الوصولي (الذى يستطيع عمل أى شيء لغايته)..

وقد يجمع المنافق الاجتماعي نوعين أو أكثر على حسب درجة خطورته فى المجتمع.. وطبعًا هذه الأنواع ليست كلها، ولكن أهمها.. وهذه الأنواع -كفانا الله شرها وسوء طبعها- يجب أن يكون التعامل معها تعاملاً خاصًا فى نطاق ضيق ما أمكن لأن التوسّع فى التعامل معهم فى كل شيء تكون عاقبته غير محمودة غالبًا، لأنك فى أى تعامل، تريد أن تتعامل مع شخص ثقة وكفؤ يمكن الاعتماد عليه.. يكون لك لا عليك، يكون معك صافى النية بوجه واحد لا بوجهين!!.

وفى النهاية أذكركم بأن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار.. وطبعًا الوقاية خير من العلاج .

AHMED

هناك تعليق واحد: