أخبارنا

مصر في العصور العصور الإسلامية كان لها شأن كبير في التقدم والعمران


حسام زيدان

العسكر والقطائع
مصر في العصور التي أطلق عليها المؤرخون العصور الإسلامية، كان لها شأن كبير في التقدم والعمران، وقد وصلنا الكثير من آثار عواصم مصر في هذا الزمان، وكما تحدثنا سابقًا عن الفسطاط أولى عواصم مصر في العصر الإسلامي، اليوم نتعرف على ثاني وثالث عواصم مصر في هذا العصر وهما العسكر والقطائع، وما تبقى منهما.

العسكر عاصمة مصر في العصر العباسي
يقول الدكتور عبد الرحمن زكي في كتابه القاهرة وىثارها، العسكر هي ثاني عواصم مصر في العصر الإسلامي، وللأسف لم يبق منها شيء، ومؤسس العسكر هم الخلفاء العباسيين ولذلك قصة.

ففي عام 750 م، كانت الفسطاط لا تزال عاصمة مصر وحاضرتها، وقد فر إليها آخر ولاة بني أمية، وهو مروان بن محمد لينجو بنفسه من أبو العباس أو الخلفاء العباسيين، ولمروان بن محمد أثر رائع في متحف الفن الإسلامي وهو أبريق مروان بن محمد، والذي عثر عليه في أبو صير الملق بالقرب من مدفن صاحبه.

لما وصل مروان إلى مصر وكان رجال أبو العباس في مطاردته، قطع الطريق من خلفه، حيث قام رجاله بإحراق بعض الفسطاط، وإحراق القنطرة التي تربطها بجزيرة الروضة في النيل، ورغم ذلك لحقه أبو العباس ورجاله وقتلوه في قرية أبو صير، وانتقلت الخلافة للبيت العباسي.

لم يرض العباسيين أن يسكنوا الفسطاط إما لأنهم أرادوا لأنفسهم مدينة جديدة كعادة أهل الشرق في هذا الزمان، وإما بسبب الدمار الذي أصاب الفسطاط على يد مروان بن محمد، وقد يكون للسببين مجتمعين.

وبنى العباسيين لأنفسهم حاضرة جديدة، امتدت على شاطئ النيل حتى قرب جامع ابن طولون لحالي، وبالمناسبة فالنيل كان يجري من أمام جامع عمرو بن العاص، ولكن مساره أخذ في الانحراف حتى اتخذ مساره الحالي.

وفي هذا المكان بنى العباسيون مدينتهم، حيث شيد صالح بن علي دار الإمارة، وأسس ثكنات الجنود، وقد يكون ذلك سبب تسميتها بالعسكر، ثم بنى الفضل بن صالح مسجدًا وهو ثاني مسجد جامع يبنى في مصر بعد جامع عمرو بن العاص.

وبمرور الأيام اتصلت المدينتان الفسطاط والعسكر وصارتا مدينة رحبة مليئة بالدور والبساتين، والمساجد، تولى العسكر نيابة عن الخلفاء العباسيين 65 واليًا في 118 عامًا، ولما قد أحمد بن طولون إلى مصر نزل بدار الإمارة، في العسكر.

وظل شأن العسكر والفسطاط في ازدهار حتى بنى جوهر الصقلبي مدينة القاهرة، فانصرف اهتمام الناس عنها وخربت في أحداث الشدة المستنصرية، وليس لدينا الآن أثر لضاحية العسكر كما لم يعتن المؤرخون بذكر واف لحكامها.

مدينة القطائع عاصمة مصر في العصر الطولوني
أرسل الخليفة المعتز بن المتوكل أحد كبار القادة لديه وهو من المماليك الأتراك والذين زاد نفوذهم في الدولة العباسية، إلى مصر، ليكون واليًا عليها يدعى "باكباك"، وبدوره اختار باكباك أحد المماليك النابغين لديه وهو أحمد بن طولون ليكون قائدًا على حامية الجند في العسكر، وابن طولون كان طموحًا وفي خلال عامين كان قد استقل بحكم مصر عن الخلافة العباسية.

ابن طولون وجد أن العسكر لا تتسع له ولا لحاشيته ولا لجنوده، فصعد إلى المقطم ومسح ببصره المنطقة المجاورة للفسطاط والعسكر فوجد منطقة فسيحة إلى الشمال من العسكر حدودها المقطم وجبل يشكر، وبدأ بالفعل يختط فيها ثالث عواصم مصر في العصر الإسلامي وهي مدينة القطائع وذلك عام 256 هـ.

بنى ابن طولون قصرًا له، ثم بدأ رجاله في بناء الدور لهم، ثم بدأ يقتطع لكل فرقة من جنوده قطعة من الأرض تسمى باسمهم، ومن ثم سميت المدينة بالقطائع.

وفي عام 263 هـ بدأ في بناء مسجده الجامع، وهو ثالث المساجد الجامعة في مصر، وهو جامع ابن طولون، وبالغ في زخرفته وقناديله، ولا يزال الجامع على حاله إلى الآن، وله قصة وحكاية سنفرد لها مقالًا منفردًا.

خمارويه
بعد ابن طولون جاء ابنه خمارويه، والذي كان سببًا رئيسيًا في ضعف الدولة الطولونية، وأدى ذلك لانقضاض محمد بن سليمان القائد العباسي عليها، وألقى فيها النيران فدمر مساجدها ودورها وقصورها، وعادت الفسطاط مقرًا للحكم زمن الإخشيديين، حتى جاء الفاطميين فانتزعوا منهم الأمر.

وفي عصر الخليفة المستنصر قضت الشدة المستنصرية على ما بقي من القطائع، ولم يصلنا منها سوى الجامع الطولوني، أقدم أثر إسلامي باق على حاله في مصر.
AHMED

ليست هناك تعليقات