دبلتين وفاتحة
في السابق ، كنت اذا سمعت خبر أن فلان قد ( خطَب ) يكون للخبر تأثير قوي في نفسي ، حيث ان الخطوبة تعني ان هناك زواج قريب – على الاقل في اعتقادي – وزواج يعني ان هذا الشخص سوف يدخل الى عالم اخر ، عالم المسؤولية والابناء وما الى ذلك ، لذلك فكنت اشعر بمعنى عميق لكلمة ( خطوبة ) .
اليوم اصبحت مقولة ( فلان خطب ) مقولة اسمعها كثيراً حتى فَقدَت كلمة خطوبة وقعها السابق في نفسي ، فاصبحت لا ارى أي فرق بين ان أجد في يد فلان ساعة جديدة او في ( بُنْصره ) خاتم خطوبة فكلاهما صار في الحجم – عندي - سواء ، بل على العكس ، فقد تكون الساعة كلفته اكثر من قيمة ( الدبلة ) .. !
قد يقول البعض ما العيب في ان يرتبط شاب مبكراً بفتاة يحبها الى ان يتيّسر له الزواج منها فيفعل ؟! أنا لست ضد ان يرتبط الشاب بفتاه معينة او حتى يجبها ، ولكني ضد مبدأ ( الدبلتين والفاتحة ) !
حسناً سأتحدث من منظوري الشخصي ...
كشاب لا ارى أي داعي من أن اربط نفسي بشكل رسمي مع فتاة وانا لن اتزوجها في مدة لا تزيد عن سنتين ، حتى وان كنت مرتاحاً لهذه الفتاة ومطمئن لها ، فانا لا اعلم ماذا سيحدث بعد الـ 5 او 6 سنوات عندما يأتي موعد الزواج ، قد اكتشف متأخراً ان هذه الفتاة لا تناسنبي او لا اناسبها ، كيف سأتصرف وقتها وكيف سيكون ( منظري ) امام اهلي واهلها والناس اذا قررت ان ( افسخ ) الخطوبة بعد سنتين او 3 لحجة اني ( غيرت رأيي ) .. فبعد ان كبرت ورايت من الدنيا ما رايت وتعلمت منها ما تعلمت اكتشفت اني كنت شاباً لم ينضج تماماً بعد وتسرع في قراره وربط نفسه هذه ( الربطة المنيّلة ) .. !
- فلان ابن فلان خطب ابنة فلان ثم رفض الزواج منها .
- تذكر فلان ؟ الذي كان يتفاخر بدبلته ؟ الم تدري عن ما فعله ، وكان يظن نفسه روميو زمانه .
- فلان شخص سيء يربط البنت به ثم يتركها هكذا ، هل يظن ان بنات الناس ( لعبة ) بيديه ؟!!
هذه نماذج من التعليقات التي ستنهال على رأسي من كل حدب وصوب ، بالاضافة الى سمعتي التي ستسوء بين الاهل وقد لا يزوجني احد ابنته بعدها خوفاً من افعل بها ما فعلت بالاولى .. لكن اعود واتساءل ، لِمَ كل هذا ؟ لماذا اعرض نفسي لهذا الموقف ، احب البنت ؟! اذا كنت احبها وهي تحبني اذا فستنتظرني الى ان اكون مستعداً للزواج وآتي بنفسي ، ولن احتاج لان احضر دبلتين واقرأ فاتحة حتى اضمنها لي .. !
هناك نقظة اخرى لطالما تعجبت منها ، بل وأنا شخصيا كنت سأكون احد ضحاياها ، بالفعل ، من يتعرضون لها انما هم ضحايا !
في بعض العوائل قد تجد الاهل يخطبون البنت والولد ، أو لنكن اكثر دقة في هذا ، يخطبون الطفل والطفلة لبعضهم وهم في سِن صغيرة جداً لا يكادوا يفهمون فيها ماذا تعني الخطوبة وما ذا يعني الارتباط ، وفقط لانهم ( الاهل ) رأوا هذين الطفلين يلعبون سوياً ببراءة تجدهم بسرعة يطلقون تلك المقولة الشهيرة : إذاً ( فلان لـ فلانة ) ، وتبدأ هذه المقولة في التكرار حتى ترسخ فكرة ان فلانة وفلان بالفعل هم لبعضهم ، وشيئا فشيئا فشيئا يكبر الاطفال ويجد الولد والبنت انفسهم في مأزق حقيقي ، فكيف سيوصل الولد لاهله فكرة انه كان مجرد طفل يلعب مع الاطفال .. كيف ستوصل البنت لابيها بانها لا تحب ذلك الولد و لن تتزوجه ، فالامر وقتها يكون قد اصبح ( كلام كبار ) و علاقات عوائل ولا يمكن ان نرجع في كلامنا .. !
- يا ام فلان الم تلاحظي ان ابنكِ متعلق كثيراً بابنتي ويلعب معها دوماً ؟!
- نعم والله يا ام فلانة حتى انه يفرح كثيرا عندما ناتيكم ويقول ( سنذهب لبيت فلانة سنذهب لبيت فلانة )
- سبحان الله حتى فلانة تنتظر قدومه بفارغ الصبر .
- اذا يا ام فلانة ما رأيك بان نجعلهم لبعضهم فهم بالفعل ( لائقين على بعض ) ؟!
- نعم والله يا ام فلان ، اذاً ( فلان لـ فلانة .. وفلانة لـ فلان ) .
وتبدأ رحلة العذاب .. !
ولا تنتظروا ان اقص عليكم ما حدث معي وكيف اني كنت سأكون احد هؤلاء الضحايا ، فهذه قصة اكل عليها لدهر وشرب ، لا اصدق كيف اني كنت سـ ... لالا ، قلت اني لن احكي ما حدث يعني لن احكي J
من وجهة نظري الشخصية فلا يجب ان تطول مدة تواجد الدبلة في اليد المنى لأكثر من سنتين – طبعاً تعرفون ان الدبلة تُلبس في اليد اليمنى عند الخطوبة ثم تُحوّل الى اليد اليسرى عند عقد الزواج – بل وأرى ان حتى السنتين هذه تعتبر مدة طويلة نوعاً ما ، فالسنتين هي حد اقصى بمقياسي وليست مدة مثالية ! فبدلاً من 4 او 5 سنوات تتغير فيها انظمة دُوُل بحُكّامها بل و الـ 4 سنوات هي المدة الرسمية القصوى لتواجد حاكم مُنتَخب كرئيس لـ أمريكا .. فكيف لا يتغير حال خاطِب ومخطوبة في مدة طويلة كهذه .. ؟! وبالطبع لكل قاعدة شواذ .
قفلة ...
تفاجأت باحد اصدقائي وهو يخبرني بانه سيخطب قريباً .. قلت له : يا رجل ، انت ما زلت صغيرا على الزواج والمسؤولية ، فقال : لا ومن قال لك اني اريد الزواج الان ، الان فقط سأخطب و ان شاء الله الزواج متى ما سهل الله ، قلت له : متى تعتقد ان الله سيسهلها ؟ قال لا اعلم ولكن 4 او 5 سنوات ، قلت عجبي ! وتخطب من الآن ، لماذا ؟
وكان جوابه الذي صدمني : يا صديقي لماذا تشعرني بان الموضوع كبير ومعقّد ، انما هي ( دبلتين وفاتحة ) .. !
ليست هناك تعليقات