مكي وجاد الله - آخر القافزون من سفينة الحكم الملعونة - شاركا فى تجميل وتزيين وجه الرئاسة القبيح المستبد المتجبر المتفرعن ، دافعا باستماتة عن أخطائه وأوزاره و خطاياه وجرائمه ، شاهدا دماء طاهرة تسيل ، وأرواح بريئة تزهق - يسأل عنها سياسيا وجنائيا رئيسهما- ولم تتحرك شعيرة واحدة فيهما استنكارا وشجبا أو غيظا وغضبا أو ألما و حزنا ، بل وصل بهما الأمر لتقنين الانحراف والجبروت الرئاسي.
أولهما كان من أبرز رجال القضاء المدافعين عن استقلاله ، فارسا فيما سُمي بتيار استقلال القضاة ، وثانيهما كان أول مستشار بهيئة قضائية (نائب رئيس مجلس الدولة) يظهر فى مظاهرات 25 يناير مشاركاً ثم معتصما في الميدان ، فيحال للتفتيش القضائي 28 يناير ويسجل التاريخ مقولته الشهيرة "أنا على استعداد كامل لفقدان أي شيء.. فالمئات ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل الوطن ". ... فيختاره ميدان التحرير متحدثا باسم المتظاهرين.
عندما ركبا سفينة الإخوان المنطلقة من الاتحادية هلل وكبر البعض ( وأنا منهم) توهما بأنهما - إضافة لمكي الآخر- الضمانة الوحيدة لتحقيق أهداف الثورة ، رمانة ميزان العدل ، عنوان سيادة دولة القانون ، التجسيد الفعلي لتمثال العدالة العمياء فى العهد الجديد وفي القصر المشيد.
ويا للهول والمهزلة الكبرى فقد فعلا كل شيء وأي شيء إلا الدفاع عن القضاء واستقلاله والعمل على تحقيق أهداف الثورة ... سبحان الله ...كأن لعنة الحكم قد أصابتهم فأبدلت نفوسهم التى حسبناها سامية عادلة بنفوس وضيعة ظالمة ومشاعر متبلدة جائرة أخرست ألسنة سبق وصدحت بالحق قولا وبالعدل فعلا ...ولا عجب واندهاش...إنه كرسي السلطة يا عزيزي فقد انضموا لكهنة فرعون وزبانيته.
لن نناقش ما ورد من أسباب فى ثنايا رسالة الاستقالة - المتأخرة كثيرا جداً عن موعدها إذا كان لديهم ذرة (اسمه إيه دا .. دم ) – لأن عم حسن بتاع الفول والطعمية ، والست أم إبراهيم بائعة الفجل علما منذ عدة أشهر ...." أن المشهد الحالي غلب عليه تغليب المصالح الخاصة على مصلحة مصر وشعبها ، وأتسم بتهميش الشباب وعدم تمكينهم من ممارسة دورهم الرئيسي فى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية ، كما اتسم بالصراع السياسي، والانهيار الاقتصادي، والفراغ الأمني.
مع محاولات دؤوبة لاغتيال السلطة القضائية والاعتراض على أحكامها للنيل من استقلالها ، أبرزها التحرش الدستوري بالمحكمة الدستورية و فرض نائب خاص بالباطل وسلق قانون السلطة القضائية ، إضافة لعدم وجود رؤية واضحة لإدارة الدولة وبناء المستقبل وتحقيق أهداف الثورة ، مع الإصرار – المخزي - على استمرار حكومة "مقندلة" رغم فشلها سياسيا واقتصاديا وأمنيا .
كما أن احتكار تيار واحد فقط إدارة المرحلة الحالية وعدم اعتماده على أصحاب الخبرة والكفاءة مكتفيا بأصحاب الثقة ، وبث روح الفرقة والتشرذم جعله عاجزا عن إجراء حوار وطني يتسع لجميع القوى والتيارات لتحقيق توافق سياسي واقتصادي وأمنى، كما ساهم في تأخير اتخاذ القرارات المصيرية فخرجت قرارات بليل شاهت حروفها وارتبكت سطورها سرعان ما "لحسوها".
إذن لم يأتي المستشار المستقيل بجديد فهو كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء , استقالة متأخرة جدا جدا وأسباب يعرفها ويحفظها ويرددها العامة منذ عدة شهور ، فلماذا الهروب الآن؟.
الإجابة يا صاحبي ... هي الخوف لدرجة الرعب من يوم لا ينفع جاه ولا سلطان ولا مرشد ولا إخوان إلا من أتى مصر بقلب سليم خالي من الانتهازية والنفاق والكذب والإفك والبهتان ، يوم يعلم الذين انقلبوا على الثورة ومبادئها وبال أمرهم ، يوم يكر شعب عضه الجوع والحرمان وأدماه الفقر والإملاق فيدك قلاع وقصور ظنت أنها معصومة من فيضان العوز، يوم ينفع الصادقين صدقهم ، يوم أحسبه أقرب إليهم من أنفاسهم ، يوم آت لا شك و لا ريب فيه .... يوم الزحف العظيم ... فانتظروا إنا معكم منتظرون.
(بقلم -محمد ابو طور)
AHMED
فراراً من يوم الزحف
Reviewed by المحرر
on
أبريل 27, 2013
Rating: 5
ليست هناك تعليقات