أخبارنا

نصيحة الى المجاهدين في سوريا وفي كل مكان


سؤال نطرحه  دائما  على  أنفسنا  وعلى  الخبراء والمحللين , لماذا  تأخر  النصر  في  سوريا ! ..أكثر  من  عامين  والحرب  في  سوريا  مشتعلة ألاف  القتلى والجرحى   حرب  ضروس  تقوم  بين فئتين ,  الاولى  ممثلة  بالنظام ,  والثانية  ممثلة  بالمجاهدين  سواء  من  الجيش  الحر  او  مجاهدي انصار  السنة  أو احرار سوريا , وجبهة  النصرة  , جبهة تحرير سوريا الاسلامية ,الجبهة السورية الاسلامية  وغيرها , فنحن  عندما ننظر  الى القوة  العسكرية الميدانية  بين  الاطراف  المتقاتلة  نجد  أن  هناك  تساوي سواء  في  فن  القتال  أو  حتى  في إمتلاك الاسلحة  والتقنية بأنواعها , والحرب  تستمر  بين  كر  وفر وإطالتها  ليس  لصالح  المسلمين.

  فهناك وفي  كل  يوم  يسقط  العشرات  من  القتلى ويهجر  المئات من  أوطانهم , والقتل  في  طرف  من  الاطراف  المتعادية  هو  في  حقيقة  الامر  خسارة  على  المسلمين , لأن  الاقتتال  الداخلي   له  الكثير  من  السلبيات وأهمها  أنها  لا  تخدم  إلا  العدو , فمن  مصلحة  أمريكا  والصهيونية  أن  يتم  قتل  أكبر  عدد  ممكن  من  الجيش  النظامي ,  وخاصة  أنهم  على  خلاف مع  بشار  الاسد منذ  زمن , هدفهم القضاء  على  مقاتلي  القاعدة واستاصال  شوكتهم  في  هذه  الحرب كما  استأصلوا  شوكة  العراق  في  نزيفها  المستمر  منذ  حرب  الخليج  الاولى ,  هدفهم القضاء  على مقاتلي حزب الله , لانها تشكل بابا خطرا  على  أمن  العدو , والقضاء  على  المجاهدين باختلاف جماعاتهم  كيف  لا  وهم  بهذا  الحرب يحققون أكبر  خسارة في  العالم  الاسلامي  من خلال  قتل  الابرياء ,  وبالتالي  فلابد  من  حسم  هذه  المعركة بأسرع  وقت  ممكن لإيقاف   شلال  الدم  الهادر .

إن  هناك أخطاء جمة  يقع  فيها  المجاهدون في  سوريا  وهذه  الاخطاء  هي  الاسباب  الرئيسية  لتأخر  النصر  وسوف  أقف  على  سببين  رئيسيين,  وهما  ضعف  العلاقة  مع  الله  رغم  الصبغة  الاسلامية  التي  يتمتع  بها  المجاهدين , وكثرة الجماعات  المقاتلة  واختلاف مخططاتهم  وعدم  توحدها .

ذكر ابن الحاج في كتاب المدخل  حيث قال: "وَقَدْ، وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَاءَهُ كِتَابٌ مِنْ بَعْضِ جُيُوشِهِ بِالشَّامِ، وَهُمْ يُخْبِرُونَهُ فِيهِ بِأَنَّهُمْ قَدْ افْتَتَحُوا الْبَلْدَةَ الَّتِي نَزَلُوا بِهَا، وَكَانَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ فَبَكَى حَتَّى بَلَّتْ دُمُوعُهُ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ: أَتَبْكِي، وَالنَّصْرُ لَنَا، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا الْكُفْرُ يَقِفُ أَمَامَ الْإِسْلَامِ مِنْ غَدْوَةٍ إلَى الزَّوَالِ إلَّا مِنْ أَمْرٍ أَحْدَثْتُمُوهُ أَنْتُمْ أَوْ أَنَا ".

ويقول الله  الواحد الاحد  (  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد 7)  , وهذا  وعد  من  الله  عز  وجل  ,  ولكن  يجب معرفة  أمر  هام  وهو أن  الله  يخاطب  المؤمنين الذين  يمتثلون  لأمر الله عز وجل  , ويقول الله تبارك وتعالى  (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء141)  أي  أن الله  عز  وجل لن  يجعل للكافرين ظهورا  وبرزوا على  المؤمنين , ومن أجل أن  ننتصر يجب  أن نكون من  أهل  الايمان  والتقوى وكلما  ابتعدنا  عن  منهج  الله  كلما  تأخرنا  بالنصر  حتى  نعود  الى  الله  ,  فالرسول  صلى  الله  عليه  وسلم  يقول : يا أيها الناس إني قد تركت فيكم من إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي.) اي السنة  - صحيح الترمذي  .

اذا  لا  بد  من معرفة  أسباب  تأخر  النصر  والوقوف  عليها  ونشر  العقيدة  الصحيحة  في  صفوف  المقاتلين , وأن  يراجعوا انفسهم  كما  راجع  أمير  المؤمنين  عمر  بن  الخطاب  رضي  الله  عنه نفسه عندما تأخر  النصر  وإعادة  الهيكلية  العسكرية  والتخطيط  العسكري  وبناء خطط إستراتيجية تكون  قاعدتها  كتاب  الله  وسنة  نبيه  الكريم , وعدم  القتال  للانتقام ممن  اساؤوا  لك  بسبب التعدي  الشخصي  أو غير  ذلك ,  وهذا  ما  نراه  في  ارض  المعركة حيث أن  هناك  كثير  من  المقاتلين هدفهم  رد  الاعتبار , أو الانتقام لما  أصابهم ,  ولنا بذلك  عبرة فيما حصل  مع علي  كرم  الله  وجه , مما يروى عن الإمام علي رضي الله عنه أنه كان يقاتل خصما عنيدا قتالا شديدا فلما تمكن الإمام علي منه بصق الرجل في وجه الإمام فآذاه ذلك، ولما رفع سيفه رضي الله عنه ليهوي به على رأسه، أحجم ولم يقتله، خشية أن يقتله انتصارا للنفس وليس جهادا في سبيل الله.

الجهاد  يكون  لإعلاء  كلمة  لا  اله  إلا  الله محمد  رسول  الله  ومن  ثم  إبعاد الظلم  والمظلمة والدفاع عن  البلاد  والأعراض , وأن  لا يكون  الجهاد فقط  في سبيل الانتقام  للنفس  والأهل ودحر الظلم  ,  لان هذا  القتال  يحصل  في  معظم  بلاد  العالم  الغير  مسلمة , والذي  يفرقنا  عنهم  أننا  نقاتل  في  سبيل الله ونطبق  هذه  الاية  في  حياتنا  وجهادنا  يقول  تعالى( قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163) الانعام ) .  فمن  قاتل  من  أجل  الوطن  والنعرة  القبلية  فهو  تساوى بقتاله  مع  الكفار ,  والفارق بيننا  أننا  نقاتل  في  سبيل  الله  لأننا  مسلمون  مؤمنون نريد إعلاء  كلمة لا  اله  إلا  الله محمد  رسول  الله , ونكتفي  بان  الله سمانا  المسلمين  , ولا نتخذ  لأنفسنا  غيرها ,  ولنا  بنصيحة  عمر  بن  الخطاب  رضي  الله عنه الدروس العسكري  العظيمة  بهذا  الشأن لإخلاص  العمل لله وإصلاح  النفس  والتزود  بالتقوى  , حيث كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - ومن معه من الأجناد؛ (أما بعد، فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال؛ فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم؛ فإن ذنوبَ الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم، فإن استوينا في المعصية،كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، فاعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل اللّه، ولا تقولوا: إن عدونا شر منا، فلن يسلط علينا. فرب قوم سلِّط عليهم شر منهم، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفار المجوس، فجاسوا خلال الديار، وكان وعداً مفعولاً، اسألوا الله العون على أنفسكم، كما تسألونه النصر على عدوكم، أسأل اللّه ذلك لنا ولكم . )

إخواني  المجاهدين  في  سبيل  الله  لولا  حبي  لكم  وحرصي  عليكم ورغبتي باقامة حكم  الله على  هذه  الارض  ورفع  راية  لا  اله إلا  الله  محمد رسول  الله , وغيرتي  على  دين  الله وعلى  عباد  الله الذين  يقتلون  في  كل  مكان  لما  كتبت  هذا  المقال  ,  والذي  أرجوه من  الله عز  وجل  هو الثبات والتمكين والنصر ,  فعندما تتبعت  أحول المجاهدين  وكيف  أنهم و بعد  أن  يمكن  لهم  يخسروا  خسراننا  عظيما ,  والأمثلة  على ذلك  كثيرة , إقيمة  دولة  اسلامية  في  أفغانستان ولم  تتكلل  بالنجاح ,  أقيمة دولة  العراق  الاسلامية , القاعدة  في  اليمن  ,  والدولة  الاسلامية  في  مالي , والسودان والصومال , وها هي  مؤخرا  في سوريا .

 هذه  الجذور  الاسلامية في  البلاد العربية  , أمرها عظيم  تبعث  الامل  في  قلوبنا  وما  يزيد  الامل  بدئ التاسيس للدولة  الاسلامية  في  كثير  من  الدول العربية ابتداء  من  تونس وانتهاء بمصر ,  وهذا  بحد  ذاته بشير لنا  بان التمكين قد  بدأ , وإضاعته من  بين  أيدينا  يعني  أننا  لم  نكن  صادقين  مع  الله عز  وجل  ولم  نكن  صادقين  مع  انفسنا  ,فضلا  على  ذلك  , هناك  ملاحظات  سلبية  سؤال  لا  بد  من  مناقشته  وهو  : لماذا كل  جماعة إسلامية  تلعن  أختها ؟  !  ألسنا أبناء  دين  واحد  أبناء  عقيدة  واحدة أبناء  هدف  واحد ,  فالصحابة  رضوان  الله  عليهم اختلفوا بأفكارهم  وأرائهم  , وجُل  هذه  الجماعات  والحمد  الله  لا  تختلف بالعقائد  ولا  تختلف  بالغايات  , فمعظم  الجماعات  تقوم  على  منهج  صحيح وهو  القران والسنة  وإجماع السلف  الصالح ,  وغاياتهم  إعلاء  كلمة لا  اله  إلا  الله  محمد رسولا لله , وإعمار  الأرض  وتبليغ كتاب  الله  عز وجل  للبشرية جمعاء لإخراج  الناس  من  الظلمات الى  النور .

وبالتالي نجد الاختلاف  في  الوسيلة ,  وأنا  أرى  أن  وسيلة كل  جماعة عندما  تجتمع  مع  وسائل  الجماعات  الاخرى  تشكل وسيلة  كلية  متكاملة  غير  منقطعة ,  مشكلةً  بذلك البنيان المرصوص يقول  تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف4) فتجد  أن  هناك  جماعة  تركز  على  الجهاد  وأخرى تركز على  الدعوة  وأخرى على السياسة وأخرى على  اصلاح  النفس والأسرى  وأخرى على الامر  بالمعروف والنهي  عن  المنكر.... ووو الخ , وهذه  كلها تشكل العقيدة  الاسلامية  الصحية التي  لا غبار  عليها , فلماذا  لا  نكون جسدا  واحدا وكلا  متكاملا !

علاوة على  ذلك القتال  في  سوريا  يجب أن  يكون بتنسيق بين  كافة  الاطراف  وتحت  راية  وقائد  واحد ,  فإذا انقسمنا في  القتال  فلن  نتحد في  غيره ,  وسيكون طابع الدنيا  وحب  الحكم والسلطة  هو  الظاهر  في  علاقاتنا ,  وليس رفع  راية  لا  اله  إلا  الله , وكلما  اختلفت  المخططات  وتفرق  الشمل وكثر  القادة , كثرت المصائب ,  كان الروم  اذا اتحدوا  لقتال  عدو مع  اختلاف  دولهم  وألسنتهم  كانوا  يتحدون  في  المعركة تحت  راية  قائد  واحد  وخطة  واحدة , وهاهي حروب  خالد بن  الوليد ,  كلما  كانت  تجتمع  الجيوش المقاتلة  من أقصى  البلاد  كانت  تجتمع  تحت  راية واحدة  , والمعركة  التي  لا تدار من قائد  واحد فهي  معركة  خاسرة , وكثرة  التخطيط  بزيادة الاطراف المدبرة تفرق الجمع , وتنتشر حاله يسودها   الفوضى وعدم  التركيز ,  وبالتالي  سيتأخر  النصر  .

وأخيرا وليس  آخرا   , التعصب  الاعمى  الذي  يقع  فيه  افراد  جماعة مقابل  جماعة أخرى , سواء من  خلال  السب  والتجريح ووصفهم  بالضلاليين  هو  من  اهم  اسباب تأخر  النصر , تالله ما  جلست  مع  جماعة إلا  وتلعن  أختها ,  فلماذا  اجتمعوا  على  الفوارق بينهم  ولم  يجتمعوا على الجامع  بينهم ؟  رغم  أن  الفوارق  والاختلافات  قليلة مقارنة بما  يجمع  بينهم , فلا  بد  من تأصيل  روح  الاخوة والحب  والتعاطف  والتعاون والألفة لنكون  بذلك  الجسد  الواحد وأن  نعظم  شأن  المسلم  من  أي  قطر  كان ,  وأن  نعود  الى  ما  كان  عليه  رسول الله صل  الله  عليه  وسلم  والصحابة الكرام  وما  اجتمعت عليه  الامة  الاسلامية بسلفها  العظام , لنحقق  النصر  بإذن  الله  ونجمع  الامة  الاسلامية  تحت  كلمة  واحدة  وراية  واحدة  ومصيرا واحدا , ولنا عدو واحد و مطلبنا  واحد ونصرنا واحد , وأقصانا واحد ,  والحمد لله الواحد .


بقلم  د حسين موسى اليمني
باحث في العلاقات الدولية والاقتصادية

AHMED

هناك تعليق واحد: