أخبارنا

الهارب بأمر الله


في ظل جدل دائر ، مربك ، محير ، استقطابي يتصدر المشهد الآن حول واقعة هروب السجناء من سجن وادي النطرون - أثناء الأيام الأولى لثورة يناير – التي فر فيها السجين السابق (الرئيس الحالي) محمد مرسي العياط وإخوانه وآخرون بمساعدة أفراد مجهولين (حتى الآن) وتحولت إلى قضية هي الأخطر والأهم في تاريخ مصر نظرا لأن بعضاً من الهاربين قد تبوءوا مناصب الحكم فيها ، فى ظل هذا الجدل أطلت علينا فتوى من بعض المشايخ تبيح للمظلوم الهروب من السجن !!!.

 و بغض النظر على أن جميع المساجين الفارين قد ارتكبوا جريمة معاقب عليها قانونا وهى جنحة الهروب من السجن ، بالإضافة  لمشاركتهم في جرائم أخري مصنفة جنايات مثل تسهيل اقتحام السجن والمشاركة في تدميره وتهريب المساجين ، والاعتداء على هيبة الدولة ومنشآتها ، ومنع مؤسسات الدولة من تنفيذ أحكام القانون، والإتلاف العمدي للمال العام ، وتعطيل تنفيذ أحكام القضاء ، و جرائم قتل السجناء وحراس السجن المقترنة بحمل أسلحة نارية بدون ترخيص....بغض النظر عن هذا كله لأن القضية ما زالت أمام القضاء سيقول كلمته التاريخية فيها بعد حين ، فإن صدور فتوى بهذا المعنى وفي هذا التوقيت يجعلنا نتساءل عن إصرار بعض العلماء على خلط الدين بالسياسة وإصدارهم فتاوى معلبة جاهزة يبتغون فضلاً من الحاكم ورضواناً ، فهل أدرك هؤلاء تأثير فتواهم على المجتمع فى ظل الانفلات والفوضى الأمنية التي تغرق البلاد طولا وعرضا ، وهل وعوا أن بسطورهم هذه قد ساهموا في إسقاط المتبقي من دولة القانون وسيادته ، بالتأكيد لا ...و لكن يبدو أن موقف رئيسهم بات صعبا فى تلك القضية فأرادوا تبرئته (بما لا يخالف شرع الله).

وقبل أن نذهب للفتوى نجد لزاما علينا التذكير بأن واحدا من هؤلاء هو صاحب الفتوى الشهيرة بهدم الكعبة وإعادة بنائها مرة أخرى لأنها مبنية على قواعد قريش ، وهو أيضا صاحب فتوى قتل جميع الخنازير في الدنيا لأن أصولهم يهودية ، وثانيهما أفتى من قبل بجواز أن تشم والدة العريس العروس قبل الموافقة على إتمام الزواج، وآخر أفتى بأن الزواج من السوريات هو جهاد في سبيل الله.

هذه المرة اتفقوا في فتواهم على أن : " طاعة ولي الآمر واجبة فإذا كانت تؤدي إلى معصية فان القاعدة الشرعية تدعو إلى عدم طاعته لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإن الإسلام يرفض الظلم وإذا حدث وصدر حكم محكمة فيه ظلم وعدوان فانه يباح للمظلوم أن يرفع الضرر عن نفسه بالهروب طالما أنه متيقن من انه مظلوم وتم إلصاق التهمة به ظلما أو لتصفية حسابات أو قضية سياسية ، فمن حقه النجاة بنفسه ، ولا يسمي ذلك هروبا فيكفي انه بريء أمام الله تعالي ، وان ذلك لا يمثل خروجا عن طاعة ولي الآمر فالشريعة ترفض أن يسلم المسلم نفسه والتسليم بحكم ظالم ، فإذا كان الحكم بالإعدام هل يقبل به رغم براءته لأنه يطيع ولي الآمر ؟ ، فمن يفعل ذلك فانه سيحاسب أمام الله علي سلبيته وعدم السعي وراء إثبات براءته فالايجابية واجبه علي كل مسلم".

يا حلاوة يا أولاد ....هل هان علينا ديننا لهذه الدرجة ، هل أصبح مطية تستخدم لأغراض نجسة واطية ولإضفاء شرعية (دينية) عن حاكم مستبد ظالم سقطت شرعيته السياسية والأخلاقية والشعبية ولم يتبقى سوى السقوط القانوني لها بإذن الله .
يا سادة يا كرام يا شيوخنا يا أجلاء ... إذا ثبت أن السجين الهارب قد تآمر مع عناصر أجنبية لتهريبه ونتج عن ذلك اقتحام وتدمير سجن وقتل وإصابة العشرات ألا يكون هذا مدعاة لمحاكمته وكل من ساعده بتهمة الخيانة العظمي ، فهل ساعتها ستنفعه فتواكم حتى ولو كان النظام السابق قد قبض عليه ظلما وعدوانا.

أفيقوا يرحمكم الله ، فيكفينا مئات الآلاف من المسلمين الذين ألحدوا وملايين غيرهم زادت كراهيتهم للدين بسبب ممارسات المتأسلمين والفتاوى المزاجية.

بقلم : محمد ابو طور

AHMED

ليست هناك تعليقات