أخبارنا

أم أحمس ساعدته ضد الهكسوس وجمعت الهاربين وأعادت الفارين وطردت المتمردين.. حكايات عبد البصير .. 9


كشف د.حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية تفاصيل تثير الإعجاب عن الملكة اياح حتب الأولي،وذلك موضوعاته بالتعاون مع شبكة فكرتنا الإخبارية،ونغوص فيها عبر التاريخ المصري القديم مع عدد من الملوك المصريين العظام والملكات،والذين لعبوا دورا مهما في تاريخ مصر

وقال:حديثنا ينصب على ملوك التحرير الذين قاموا بالتصدي للاحتلال الهكسوسي البغيض على مصر العزيزة. وسجلوا بأحرف من نور بطولات خالدة في سجل الحضارة المصرية العريقة، والتاريخ الإنساني عمومًا، فدخلوا تاريخ الدفاع عن الأوطان الغالية والأرض الطيبة من أوسع أبوابه.

وتعتبر الملكة المناضلة إياح حتب الأولى من الملكات الفضيلات، بعد سيدة الأسرة الأبرز الملكة العظيمة تتي شري. ويعني اسم الملكة إياح حتب "القمر سعيد"،وعاشت هذه الملكة في نهاية الأسرة السابعة عشرة،وكانت ابنة الملكة الجليلة تتي شري والملك ست نخت إن رع تاعا الأول،وتزوج الملك سقنن رع تاعا الثانيمن ثلاث سيدات، هن: إين حابي، وست حجوتي، وإياح حوتب الأولى.

وأصبحت الملكة إياح حتب الأولى زوجته الأساسية،وحملت من الألقاب الملكية ما دلنا على عظم مكانتها في ذلك العصر،فنراها تحمل الألقاب والصفات التالية: "الزوجة الملكية العظمى"، و"أم الملك" في إشارة إلى ابنها الملك أحمس الأول ملك مصر العليا والسفلى، و"المتحدة مع حامل التاج الأبيض (وهو "تاج الصعيد"، في إشارة إلى الملك المصري الذي كان يحكم صعيد مصر فقط في ذلك الوقت، وليس الدلتا التي كانت واقعة في قبضة الهكسوس).

ويعد زوجها الملك سقنن رع تاعا الثاني أحد أبطال وملوك التحرير،ومن الجدير بالذكر أن هناك ملكة أخرى تحمل اسمها وهي الملكة "إياح حوتب الثانية"، التي يُنسب إليها تابوت مذهب عثر عليه في منطقة دراع أبو النجا في البر الغربي من جبانة طيبة في مدينة الأقصر الحالية.

وأنجبت الملكة إياح حتب الأولى عددًا كبيرًا من الأبناء، أربعة منهم يحملون اسم أحمس، أميرتان: أحمس نفرتاري وأحمس نب تا، وأميران: أحمس الأكبر الذي مات مبكرًا، وأحمس الأصغر الذي عاش وأصبح الملك أحمس الأول وتزوج من أحمس نفرتاري.

ومات زوج إياح حتب الأولى، الملك سقنن رع تا عا الثاني، في معركة الشرف والكفاح ضد الهكسوس. وعُثر على موميائه في خبيئة الدير البحري بالأقصر. وتظهر بموميائه جراح بالغة في الرأس نتيجة ضربات نافذة بفأس هكسوسية.

وذهب الحكم إلى الملك كامس الذي كان يعتقد أنه ابن الملك سقنن رع تاعا الثاني، أو شقيقه في رأي آخر، غير أنه من غير المعروف صلته بهذه العائلة على نحو محدد إلى الآن. غير أن الشيء المؤكد أن الملك كامس كان من أصل نبيل اختار أن يستكمل الحرب ضد الهكسوس كملك محارب من طراز رفيع إلى أن مات بعد حوالي ثلاث سنوات في أرض المعركة البعيدة،وكان زوجًا للملكة إياح حوتب الثانية.

ثم تبعه الملك أحمس الأول، الابن الأصغر للملك سقنن رع تاعا الثاني والملكة إياح حوتب الأولى. وساعدته في شؤون الحكم والعسكرية أمه الملكة العظيمة إياح حوتب الأولى التي كانت وصية عليه،ولم يخجل الملك أحمس الأول كملك بالغ لمصر الموحدة أن يذكر ذلك وأنه يدين لأمه تلك الملكة المناضلة بالفضل عليه.

فنرى الملك أحمس الأول يكرم أمه على لوحة في معابد الكرنك. ويشير نص تلك اللوحة أن إلى الملكة إياح حوتب الأولى ربما ساهمت في تسيير الفرق العسكرية، ولعبت دورًا في الدفاع عن طيبة، وأنها دافعت عن مصر، وحمتها واعتنت بها وبجنود مصر، وقامت بأداء الشعائر، وجمعت الهاربين وأعادت الفارين، وأنزلت السلام والسكينة على منطقة مصر العليا، وطردت المتمردين.

وربما قامت بهذه الأدوار بعد وفاة زوجها، أو أغلب الظن بعد وفاة الملك كامس. وتعد هذه هي المرة الأولى التي نعثر فيها على نص مكتوب يشير إلى ممارسة السلطة من قبل ملكة مصرية قديمة وصية على ابنها.

وعُثر ضمن آثارها على عدد كبير من الآثار العسكرية مثل فأس يدوية وخنجر وأنواط عسكرية على شكلذبابات ذهبية مما يؤكد على دورها العسكري الفريد بين نساء الحكم عمومًا وكان ذلك ضروريًا بالنسبة لها نتيجة ظروف تلك الفترة القلقة من تاريخ مصر المجيد.

وبعد وفاة ابنها الملك أحمس الأول، تولى حكم مصر الملك أمنحتب الأول، فعاصرته الملكة إياح حوتب الأولى، وعاصرت خليفته الملك تحوتمس الأول الذي ماتت في عهده في سن متقدمة جدًا. وقد كانت حياة هذه الملكة مديدة ومؤثرة للغاية.

ولم يتم اكتشاف مقبرة الملكة إياح حوتب الأولى، إلى الآن، وإنما عُثر على تابوتها الخارجي في خبيئة الدير البحري في مقبرة رقم 320 في الجبانة الطيبية. ويظهرها تابوتها ترتدي باروكة شعر مستعار ثلاثية الأطراف، وتاجًا، وتم تغطية جسد التابوت بالريش.

تلك قصة ملكة مناضلة توضح عظمة الدور الذي من الممكن أن تقوم به النساء في تحرير الأوطان وشحذ همم الرجال من الأبطال كي يعيدوا لمصر كرامتها العظيمة وعزها ومجدها.

علاء الدين ظاهر
AHMED

ليست هناك تعليقات