أخبارنا

فتح مصر.. I حقائق جديدة تكشفها بردية خراف إشتراها آخر صحابى مات بالمدنية المنورة




من الأخطاء الشائعة بكتب التاريخ العربية والأجنبية أن فتح مصر تم في سنة 21هجرياً /641 ميلادياً،وهذا غير صحيح لأن تلك السنة لا تمثل فتح مصر ولكنها تمثل مرحلة من مراحل الفتح والدليل علي ذلك ساقه لنا هشام عبد الحفيظ باحث فى الاثار الاسلامية،وذلك من خلال دراسة أجراها عن بردية عبد الله بن جابر الأثرية أقدم بردية عربية فى العالم،وموجودة حالياً فى المكتبة الوطنية بفيينا في النمسا.
وهذه البردية مؤرخة بشهر جمادى الأولى سنة 22هجرياً، وتشتهر باسم (بردية إهناسيا)، وتوضح أن أحد قادة "عمرو بن العاص" وهو القائد "عبدالله بن جابر" آخر صحابى مات بالمدنية المنورة سنة 78هجرياً، وهو يشترى الخراف للجنود المرافقين له أثناء فتح صعيد مصر براً وبحراً، فكانت تلك البردية بمثابة صك"إيصالاً" بشراء أحد الأطعمة للجنود الفاتحين معه فى ذلك الوقت.
وهو أمر غريب أن يعطى قائد منتصر وفاتح  إيصالاً لأقباط مصر فى شراء أحد الأطعمة الخاصة به وبجنوده، فإن دل ذلك على شئ فإنما يدل ذلك على إحترام القادة المسلمين للقيم والمواثيق والأعراف بين الشعوب، ومدى تقدم وتحضر ورقى الصحابة فى القرن الأول الهجرى، وليس الأمر متعلقاً بقائد مغتصب وناهب لخيرات البلاد الفاتحة كماحدث من بعض الدول الغازية .
ولاسيما ما فعلته الدولة العثمانية بنهب خيرات بلاد مصر والشام على يد سلطانها سليم الأول، ففى أثناء حصار عمرو بن العاص لحصن بابليون بمنطقة مصر القديمة الذى أستغرق مايقرب من سبعة أشهر،أرسل عمرو بن العاص فرق لفتح الوجه البحري والإسكندرية وفرق أخرى إلى الصعيد.
وكانت تلك البردية ترجمة لأحداث فرقة القائد العربى الصحابى الجليل " عبد الله بن جابر " فى ذلك الوقت ،وجاءت نصوص هذه البردية مكتوبة بلغتين هما اليونانية وأسفلها خمسة سطور لها باللغة العربية ترجمة لها .
وجاء نصها :" بسم الله الرحمن الرحيم, هذا ما أخذ عبد الله بن جابر وأصحابه من الجزر من إهناس،أخذنا من خليفة "تدراق" ابن "أبو قير" الأصغر ومن خليفة "اصطفر" ابن "أبو قير" الأكبر ،خمسين شاة من الجزر وخمس عشرة شاة أخرى، أجزرها أصحاب سفنه وكتائبه وثقلاءه،
في شهر جمادى الأولى من سنة اثنتين وعشرين, وكتبه ابن حديد"
وقال الباحث:نرى فى هذه البردية أن القائد عبد الله ابن جابر وهو يشترى خمسة وستون شاة من أهل مصر الأقباط من القرى التى يمرون عليها،وذلك فى موضعين مختلفين، إذ يذكر «خمسين شاة لجنود البر ( المشاة ) وخمس عشرة شاة لجنود البحر» وكان ذلك فى سنة 22 هجرياً.
هذا فضلاً عن الإشارة إلى مهنة هامة وهى مهنة " الجزارة "فى هذا النص  فى ذكر لفظ " أجزرها "، إذ يوضح هذا اللفظ أن من بين هؤلاء الجنود من كان محترفا لمهنة الجزارة ، ومما يلاحظ فى كتابة هذه البردية أيضا ورود ذكر كاتبها وهو ( ابن حديد ) إذ جاء " وكتبه بن حديد "
وهو ما يستنتج منه أن الفتح لم يكن فى سنة 21هجرياً فقط وإنما امتد إلى سنة 22هجرياً،وأن فتح صعيد مصر تم براً وبحراً .
وبذلك ينفى ما يردده بعض المسشرقيين أن العرب كانوا يخشون ركوب البحر،حيث كانوا يرددون رواية أن عمرو بن العاص لما أراد ان يأخذ مدينة الإسكندرية عاصمة له رفض الخليفة عمر بن الخطاب،وقال له " أريد أن تبنى مدينة لا يحول بينى وبينك ماء لا شتاء ولا صيف "، فكيف يهاب العرب البحر والمياة تحيط بهم من جميع الجهات كخليج العقبة والبحر الحمر والمتوسط ونهر النيل؟.
ويستنتج أيضاً من خلال تلك البردية معرفة عدد الجنود الفاتحين لصعيد مصر،وذلك من خلال عدد الخراف المباعة من أقباط مصر إلى عبد الله بن جابر،إذ يعرف في قبائل العرب أن الشاة كان يأكلها عشرة أفراد وبذلك يصبح إجمالى عدد الجنود الذين فتحوا صعيد مصر مع عبد الله بن جابر ما يقرب من ستمائة وخمسون جندياً، منهم خمسمائة فى كتائب البر ومائة وخمسون فى كتائب البحر.
وكشف الباحث دليلاً آخر علي أهمية هذه البردية،وتمثل في أنه قام بنشر تلك الحقائق الجديدة الخاصة بهذه البردية الهامة نشراً علمياً الأستاذ الدكتور محمد حمزة إسماعيل الحداد عميد كلية الآثار جامعة القاهرة الأسبق وعلق عليها تعلقياً وافياً فى معظم الندوات والمؤتمرات العلمية.
واضاف:تعادل قيمة هذه البردية الأثرية قيمة ومكانة حجر رشيد، إذ جاءت بلغتين مختلفتين هما اليونانية والعربية وأثبتت حقيقة أثرية أن فتح مصر لم يكن فى سنة 21هجري/641ميلادي، وإنما كانت هذه السنة مرحلة من مراحل الفتح الذى أستغرق ثماني سنوات.


علاء الدين ظاهر
AHMED

ليست هناك تعليقات