لكل زمن مماليكه
المماليك فى اللغة العربية هم الذين سبوا ولم يسب اباؤهم ولا أمهاتهم ،ظهر المماليك بصورة واضحة أيام الخليفة العباسى المأمون والذى حكم من 198 -218 هجرى وأخيه المعتصم الذى حكم من 218-227 هجرى ففى فترة حكم هذين الخليفتين استجلبا أعدادا ضخمة من المماليك عن طريق الشراء واستخدموهم كفرق عسكرية بهدف الاعتماد عليهم فى تدعيم نفوذهم .
ومع مرور الوقت أصبح المماليك هم الاداة العسكرية الرئيسية وأحيانا الوحيدة فى كثير من البلاد الاسلامية .
كانت الرابطة بين المملوك وأستاذة من طراز خاص .. فقد كانوا يقربونهم جدا منهم لدرجة تكاد تقترب من درجة أبنائهم ولم تكن الرابطة التى تربط بين المالك والمملوك هى رابطة السيد والعبد بل رابطة المعلم والتلميذ او رابطة الاب والابن او رابطة كبير العائلة وابناء عائلتة –حتى أنهم كانوا يطلقون على السيد الذى يشتريهم لقب الأستاذ وليس لقب السيد .
كما كانت تربية المماليك تربية مميزة للغاية يمتزج فيها تعليم الشرع بفنون القتال وبالمحاسبة على السلوك والاداب.
ويشرح لنا المقريزى كيف كان يتربى المملوك الصغير "ان اول المراحل فى حياة المملوك هى ان يتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة ثم بعد ذلك يدفع الى من يعلمه القران الكريم ثم يبدأ فى تعلم مبادئ الفقه الاسلامى واداب الشريعة الاسلامية ويهتم جدا بتدريبه على الصلاه ويراقب المملوك مراقبة شديدة من مؤدبيه ومعلميه فاذا أرتكب خطأيمس الاداب الاسلامية نبه الى ذلك ثم عوقب ان عاد الى ذلك مرة اخرى بطرق مختلفة "
حتى يصلوا المماليك الى مستويات عالية جدا من المهارة القتالية والقدرة على تحمل المشاق والصعاب ثم يتدربون على امور القيادة والادارة ووضع الخطط وحل المشكلات والتصرف فى الامور الصعبة .
وفى كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذى اشتراهم يتابع كل هذه الخطوات بدقة متناهية وكان سيدهم كثيرا ما يجلس معهم ويكثر من التبسط اليهم وكان المماليك يحبونه حبا كبيرا حقيقيا ويدينون له بالولاء التام وكان المملوك أذا ظهر نبوغا عسكريا ودينيا يترقى فى المناصب فيصبح قائدا لغيره من المماليك واذا نبغ اكثر أعطى بعض الاقطاعات فى الدولة فيمتلكها فتدر عليه ارباحا وفيرة وقد يعطى أقطاعات كبيرة بل قد يصل الى درجة أمير كل هذه الخلفيات جعلت المماليك ولأول مرة فى تاريخ مصر يفكرون أن يمسكوا هم بمقاليد الأمور مباشرة ، وما دام الحكم لمن "غلب" وهم القادرون على أن يغلبوا فلماذا لا يكون الحكم لهم ؟
لكن صعود المماليك مباشرة الى الحكم سيكون مستهجنا فى مصر فالناس لا تنسى أن المماليك فى الأساس "عبيد" يباعون ويشترون وشرط الحرية من الشروط الاساسية للحاكم المسلم وحتى لو أعتقوا فأن تقبل الناس لهم بأعتبارهم "حكاما" سيكون صعبا وحتى لو كثرت فى أيديهم الأموال وتعددت الكفاءات وحكموا الاقاليم والاقطاعات فهم فى النهاية مماليك وصعودهم الى الحكم يحتاج الى حجة مقنعة للشعب الذى لم يألفهم فى كراسى السلاطين والملوك.
Post Comment