إبنة ملك وزوجة ملك وأم ملك لم يعثر علي جثتها حتي الأن ..l حكايات عبد البصير 5
كشف د.حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية حكاية الملكة حتب حرس الأولي،وذلك ضمن موضوعاته بالتعاون مع شبكة فكرتنا الإخبارية تحت عنوان"حكايات عبد البصير"،والتي نغوص فيها عبر التاريخ المصري القديم مع عدد من الملوك المصريين العظام والملكات،والذين لعبوا دورا مهما في تاريخ مصر.
وقال:وتحتل الملكة حتب حرس الأولى مكانة فريدة بين ملكات الأسرة الرابعة وعصر بناة الأهرام. وكانت حياة هذه الملكة مثيرة. وكان؛ وما يزال، موتها واختفاء جثتها، وتعدد أماكن دفنها لغزًا غامضًا. وتعددت آراء العلماء في هذا الشأن.
ويعني اسم الملكة الجميلة "الرضا عليها"، وياله من اسم جميل، وما يزال هذا التعبير شائعًا في مصرنا المعاصرة. وحملت اسمها ملكة أخرى من نفس الأسرة، هي الملكة حتب حرس الثانية. وكانت زوجة للملك جدفرع وأرملة أخيه كاوعب.
وكانت الملكة حتب حرس الأولى ابنة الملك حوني، آخر ملوك الأسرة الثالثة، وزوجة الملك سنفرو العظيم، مؤسس الأسرة الرابعة، ووالد الملك خوفو، صاحب الهرم الأكبر بالجيزة، العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وأشهر وأهم أثر على وجه الأرض قاطبة.
ولعبت الملكة حتب حرس الأولى دورًا كبيرًا في نقل الحكم بشكل سلس من الأسرة الثالثة إلى الأسرة الرابعة؛ باعتبارها الوريثة الشرعية لأبيها الملك حوني، وأنه يجري في عروقها الدم الملكي الخالص؛ لذا لما تزوجها الملك سنفرو، أصبح ملكًا شرعيًا لمصر العظيمة.
ولعل من بين أكثر القصص إثارة الخاصة بالملكة حتب حرس الأولى وآثارها الجميلة هو اكتشاف مقبرتها ذات الأثاث الجنائزي المبهر وكل ما تم العثور عليه من آثار فريدة تعطي فكرة ممتازة عن الأثاث في مصر القديمة، وتعبر بحق عن عظمة مصر في عصر الدولة القديمة وعصر بناة الأهرام العظام.
وتعددت النظريات والآراء حول مقبرة الملكة حتب حرس الأولى واختفاء جسدها. فمن أشهر النظريات في هذا الشأن أن الملك سنفرو بنى، مقبرة لزوجته الملكة الجميلة في منطقة دهشور في الجيزة، بالقرب من هرميه المعروفين: الهرم الأحمر والهرم المنحني. غير أن اللصوص ربما كانوا قد تمكنوا من التسلل لمقبرة زوجته الملكة البعيدة عن جبانة الجيزة حيث يوجد هرم ابنها الملك خوفو، فسرقوا محتويات مقبرتها من الأشياء الثمينة مثل الحلى. وعندما وصل الأمر إلى البلاط، لم يتم إخطار الملك، أو تم إخباره بما حدث وأن جسد الملكة سليم لم يمس. فقرروا نقل جسد الملكة الأم وأثاثها إلى مقبرة جديدة بالقرب من هرمه بالجيزة.
ولاكتشاف هذه المقبرة الجديدة بالجيزة قصة مثيرة. ففي يوم 9 مارس من عام 1925، كان الأمريكي آلان رو، مساعد عالم الآثار الأمريكي الأشهر جورج رايزنر، رئيس بعثة جامعة هارفارد ومتحف بوسطن للفنون الجميلة، يقوم بالتصوير إلى الشرق من الهرم الأكبر بالجيزة وشمال هرم الملكة حتب حرس الأولى، فغاص حامل الكاميرا في حفرة هناك.
وكان جورج رايزنر في الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك. فتتبع رو هذه الحفرة. وبعد أسابيع من الحفائر المضنية، توصل إلى فوهة بئر بعمق يصل إلى حوالي 27 مترًا قاده إلى مدخل المقبرة الجانبي الذي كان مغلقًا بأحجار من الحجر الجيري وكانت مغطاة بطبقة من الملاط لحماية المقبرة من السرقة.
وقام فريق العمل الأمريكي باستكمال العمل. وتم العثور على مقبرة الملكة الجميلة حتب حرس الأولى التي كانت عبارة عن حجرة واحدة. ووجد الأثاث الجنائزي الخاص بتلك الملكة مكدسًا داخل هذه المقبرة. وكان هناك أيضًا تابوت مغلق من الألباستر، وصندوق مغلق من الألباستر لحفظ بعض أحشاء الملكة المتوفاة، وكمية ضخمة من الفخار. وتم العمل على إخلاء محتويات المقبرة لمدة عامين. وعند فتح التابوت، كانت المفاجأة أنه وُجد فارغًا.
وتعددت التفسيرات في ذلك الأمر. فربما سرق اللصوص جثة الملكة من مقبرتها السابقة بدهشور بكل ما كانت تحويه من حلي ومجوهرات ثمينة. وربما كان هذا البئر الجزء السفلي لهرم لم يتم استكماله للملكة.
ومن الجدير بالذكر أن هناك ثلاثة أهرام صغيرة إلى الشرق من الهرم الأكبر، يخص الهرم الشمالي منها الملكة حتب حرس الأولى. وقد سرقت محتويات هذه الأهرام الصغيرة في العصور القديمة، فيما عدا بعض الأثاث الجنائزي الذي يخص الملكة حتب حرس الأولى، ويعتقد أنه تم نقل أثاث الملكة حتب حرس الأولى، وربما رفاتها، إلى هرمها الشمالي إلى الشرق من هرم خوفو، وتم ترك الأثاث الباقي في هذا البئر الذي لم يتم استكماله.
أو أنه تم دفن الملكة في هرمها إلى الشرق من هرم خوفو، وتم سرقته، فتم نقل جسدها وأثاثها إلى المقبرة التي اكتشفها الفريق الأمريكي. ويبقى الأمر لغزًا. غير أن غياب جثتها هو اللغز الأكثر إثارة إلى الآن،وتم نقل هذا الأثاث الجنائزي الرائع إلى المتحف المصري بالتحرير وتم تخصيص قاعة له به. وكان من بين أهم آثار هذه الملكة، الأثاث الخشبي، خصوصًا محفتها المحلاة بالذهب والمكتوب عليها ألقاب الملكة بالخط الهيروغليفي. وكُتب على بعض آثارها اسم زوجها الملك سنفرو.
وتعبر حياة وممات وآثار الملكة حتب حرس الأولى عن عظمة الملكات المصريات في عصر الدولة القديمة، عصر بناة الأهرام، وتوضح دور الملكات المصريات الرائد وعظمتهن في انتقال الحكم، وفي تكوين ملوك مصر العظام، وعلاقتهن القوية القائمة على الحب مع أزواجهن ومدى تقدير أبنائهن لهن.
علاء الدين ظاهر
Post Comment