أخبارنا

أبو الحجاج والأوبت طقوس مصرية تاريخية منذ الفراعنة حتي الآن ..l تفاصيل


تزامنت أمس الأول ذكري مولد أبو الحجاج وعيد الأوبت المصري القديم،وحول هذه الذكري وكواليسها ظروفها التاريخية حدثنا مجدي شاكر كبير الأثريين .

قال شاكر:يقام مولد سيدى أبو الحجاج الأقصرى في الرابع عشر من شعبان من كل عام، ويحمل ذلك الاحتفال(الذي يسمى"دورة أبو الحجاج")طابعا خاصا وعـادات وموروثات ترجع إلى العصور  الفرعونية وتشـبه طقوس احتفال المصريين القدماء بالإله آمون.

  حيث يخرج الناس إلى ساحة مسجد أبي الحجاج الأقصري ويتحركون منها طائفـين شوارع الأقصر،يذكرون الله وينشدون الأناشيد الدينية ويرتلون القرآن ويمارســون التحـطيب والرقص بالعصا والرقص بالخيل وركوب الجمال التي تحمل توابيت من القماش المزركش.

ومن ملامـح احتفالات مولد أبي الحجاج الأقصرى المـركب الذي يجره الآلاف ويطوفون به شوارع المدينة،وتتبعه عربات تحمل أصحاب المــهن المختلفة كـل يمارس عمله فوق هذه العربة،من النجارين والطحانين والجزارين وبائعى الفاكهة وغيرهم في مشـاهد تمثيلية هزلية فى صورة كرنفال شعبي وفني بديع .

وما أشبه الليله بالبارحة و الأحتفال ب " دورة مولانا أبو الحجاج "تقريبا بنفس الشكليات التى كان يحتفل بها قدماء المصريون بعيد " الأوبت "،ونفس المسار ونفس المسافة من معبد الأقصر إلى معبد الكرنك،هو نفسه " عيـد أوبـت "والذي عُرف باسم عيد الأوبت  وهو أحد أهم أعياد المعبود "آمون" فى "طيبة".

 وكان يقام كاحتفال سنوى فى الشهر الثانى من فصل الفيضان الإحتفال به قد بدأ فى عهد "تحتمس الثالث"، حيث استمر الأحتفال لمدة أحد عشر يوماً، واستمر الاحتفال به فى عهد "رعمسيس الثالث" لمدة أربعة وعشرين يوماً، إلى أن بلغ بعد ذلك سبعة وعشرين يوماً.

وكان المعبود "آمون" يقوم خلال هذا الاحتفال بزيارة من معبده فى "الكرنك" إلى معبد "الأقصر" فى موكب مهيب، واتخذت الرحلة الطريق البرى المتجه للجنوب خلال عهد الملكة "حتشبسوت" فى حين أن رحلة العودة إلى "الكرنك" كانت تتم عبر النهر.

وقد زود الطريق البرى لمعبد "الأقصر" بست مقاصير لاستراحة موكب المعبود،ومنذ عهد الملك "توت عنخ آمون" كانت رحلتا الذهاب والعودة تتم عبر النهر. وقد خصص لكل عضو من أعضاء الثالوث مركب نهرى، ومقصورة خاصة.

ومضمون هذا الاحتفال كان مسيرة موكب طويل خاص بالثالوث العائلى المقدس بطيبة (آمون، موت، خونسو)، ووقد صورت نقوش جدران فناء الملك "أمنحتب الثالث" فى معبد "الأقصر" كيفيةَ الاحتفال بهذا العيد؛ وكذلك تلك النصوص التى تم تنفيذها أثناء حكم "توت عنخ آمون"، والتى اغتصبها خلفه "حور محب". هذا وقد صورت مناظر رحلة الذهاب من "الكرنك" إلى "الأقصر" على الجدار الغربى، وصور طريق أو رحلة العودة على الجدار الشرقى.

ويبدأ الإحتفال -وفقاً لتلك النقوش- بتقدمة القرابين إلى الثالوث الطيبى فى مقاصيره فى معبد "الكرنك"، والتى تبدأ بها الاحتفالات، حيث يقدم الملك القرابين (من لحوم، وزهور، وفاكهة، وطيور، ولبن، وعطور)،كما يقوم بالتبخير ورش الماء أمام قارب "آمون" الذى يطلق عليه (وسر حات)، وأمام قاربى زوجته "موت" وابنهما "خونسو".

 ويمكن التعرف عليهم من مقدمة المركب ومؤخرتها، والتى كانت تزين برأس المعبود صاحب المركب،وكانت المقصورة تأخذ هيئة المركب وتوضع على قاعدة حجرية، وفى منتصف المقصورة توجد كابينة (قمرة) مغطاة بساتر، وبها تمثال لكل عضو من الثالوث. وتشير مقصورة المركب فى مضمونها إلى رحلة رب الشمس فى مركبه فى رحلته عبر السماء فى النهار، وفى العالم السفلى خلال الليل.

ويخرج الموكب من المعبد (الصرح العاشر للمعبد)، والكهـــنة يحملون قوارب ثالوث "طيبة" (آمون، وموت، وخونسو) فوق أكتافهم،وكان قارب " آمون" يحمله ثلاثون كاهناً، يبدءون من قدس الأقداس إلى داخل المعبد، ثم يخرجون من الصرح الثالث، وذلك فى موكب منفرد، حيث يدعم كل مركب أربعة وعشرون من الكهنة، ويتبعهم عدد آخر من البلاط الملكى.

وقد تبع الملك نفسه المركب الرئيسى الخاص بآمون سيراً على الأقدام،وعند الوصول إلى ضفة النهر، فإن المراكب المقدسة توضع فوق ظهر مراكب كبيرة تجرها مراكب ذات مجاديف مع فرق من الرجال على ضفة النهر، وحتى وصولهم إلى الجهة المقابلة لمعبد "الأقصر"، وذلك حيث تتجه المراكب شمالاً مع التيار باتجاه معبد "الأقصر
وعلى ضفاف النهر تقف جموع المواطنين والموسيقيين لتحية الموكب.

كما تقف كاهنات الربة "موت" ومعهن الآلات الموسيقية، بينما يقف رجال الشرطة لتنظيم الاحتفال. وعند النيل تنزل المراكب تتبعها مراكب القرابين. وعلى الشاطئ أمام معبد "الأقصر" يقف الناس يهللون ويهتفون، ويساعدون فى دفع المراكب فى سعادة، ويرقصون ويرتلون الأناشيد، ويعزفون بالصلاصل.

وعلى الطريق المؤدى إلى معبد "الأقصر"، تقام أبنية صغيرة يقدم فيها الكهنة القرابين،وعند الوصول إلى المعبد يقوم الملك بنفسه بطقوس القرابين، بينما ينتظر الحاشية أمام قدس الأقداس. وتبقى المواكب خلال عشرة أيام فى هدوء داخل معبد الأقصر، تقدم لها القرابين كل يوم، وتتم العودة إلى "الكرنك" بنفس الأسلوب.

ويعتبر العيد أحد أهم المناسبات التى شارك فيها عامة الشعب، والذين قدموا حبهم وسرورهم للمعبود ولتماثيل الملك الضخمة،حيث كانوا يقدمون شكاوهم اما مسموعه أو مكتوبة لتمثال الإله،وقد قصد هذا العيد الربط بين الملك وأبيه المعبود "آمون رع"، حيث يسافر الملك إلى معبد "الأقصر" من أجل زيارة أبيه "آمون" لإعطائه القوة الملكية.

أما  أبو الحجاج الأقصرى ولد في أوائل القرن السادس الهجرى ببغداد في عهد الخليفة العباسى المقتفي لأمر الله لأسرة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير في الدولة العباسية. وهو يوسف بن عبد الرحيم بن يوسف بن عيسى الزاهد" المعروف بأبي الحجاج الأقصري.

و ذكره ابن بطوطة ذكراً مختصراً في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"فقال:'ثم سافرت إلى مدينة الأقصر وضبط اسمها بفتح الهمزة وضم الصاد المهمل، وهي صغيرة حسنة، وبها قبر الصالح العابد أبي الحجاج الأقصري. وعليه زاوية وينتهي نسبه إلى إسماعيل أبي الفراء بن عبد الله بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب.

وأشرف أبو الحجاج الأقصري على الديوان في عهد أبي الفتح عماد الدين عثمان ابن الناصر صلاح الدين الأيوبي، ثم ترك العمل الرسمي وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية فالتقى أعلام الصوفية فيها، خاصة أتباع الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبدالرازق الجازولي، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه.

ثم عاد أبوالحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائي (صاحب المسجد الشهير بمدينة قنا)، وأقام واستقر بالأقصر حتى وفاته في رجب سنة 642 هـ (ديسمبر 1244 م) في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب عن عمر تخطى التسعين عاما،وودفن في ضريح داخل مسجد سمي باسمه بنى فوق أطلال معبد الأقصر.

علاء الدين ظاهر
AHMED

ليست هناك تعليقات